فصل: الفصل الخامس: الدلائل المأخوذة من الزبد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الفصل الثالث: قوام البول وصفاته وكدورته:

قوام البول إما أن يكون رقيقاً وإما أن يكون غليظاً وإما أن يكون معتدلاً.
والرقيق جداً: يدل على عدم النضج في كل حال أو على السدد في العروق أو على ضعف الكلية ومجاري البول فلا يجذب إلا الرقيق أو يجذب ولا يدفع إلا الرقيق المطيع للدفع أو على كثرة شرب الماء أو على المزاج الشديد البرد مع يبس.
ويدل في الأمراض الحادة على ضعف القوة الهاضمة وعدم النضج وربما دل على ضعف سائر القوى حتى لا ينصرف في الماء البتة بل يزلق كما يدخل والبول الرقيق على هذه الصفة هو في الصبيان أردأ منه في الشبان لأن الصبيان بولهم الطبيعي أغلظ من بول الشبان لأنهم أرطب ولأن أبدانهم للرطوبات أجذب لأنها تحتاج إلى فضل مادة بسبب الاستنماء فإذا رق بولهم في الحميات الحادة جداً كانوا قد بعدوا عن حالتهم الطبيعية جداً.
واستمرار ذلك بهم يدل على العطب فإنه إذا دام دل على الهلاك إلا أن يوافقه علامات صالحة وثبات قوة فحينئذ يدل على خراج يحدث وخصوصاً تحت ناحية الكبد وكذلك إذا دام هذا بالأصحاءُ لا يستحيل فيهم فإنه يدل على ورم يحدث حيث يحسون فيه الوجع.
وفي الأكثر يعرض لهم أن يحسوا مع ذلك بوجع في القطن وفي الكلى فيدل على استعداد لورم فإن لم يخص ذلك الوجع والثقل ناحية بل عم يدل على بثور وجدري وأورام تعم البدن.
ورقة البول عند البحران بلا تدريج تنذر بالنكس.
وأما البول الغليظ جداً فانه يدل في أكثر الأحوال على عدم النضج وفي أقلها على نضج أخلاط غليظة القوام ويكون في منتهى حميات خلطية أو انفجار أورام.
وأكثر دلائله في الأمراض الحادة هو على الشر لكن دوام الرقة على الشر أدل فإن الغيلظ يدل على هضم ما هو الذي يفيد القوام فيما يدل على هضم واستقلال من القوة بالدفع يرجى وربما يدل على فساد المادة.
وكثرتها وامتناعها عن النضج المميز المرسب يدل على الشر ويستدل على الغالب من الأمرين بما يعقبه من الراحة أو يعقبه من زيادة الضعف.
والأسلم من البول الغليظ في الحميات ما يستفرغ منه شيء كثير دفعة وأما الذي يستفرغ قليلاً قليلاً فهو دليل على كثرة أخلاط أو ضعف قوة والنافع منه يعقبه بول معتدله مقارن للراحة وإذا استحال الرقيق إلى الغلظ في الأمراض الحادة ولم يعقب راحة دل على الذوبان.
والصحيح إذا دام به البول الغليظ وكان يحس بوجع في نواحي الرأس وانكسار فهو منذر له بالحمى وربما كان ذلك به من فضل اندفاع أو انفجار أو قروح بنواحي مسالك البول وإنما كانت الرقة والغلظ جميعاً يدلان على عدم النضج لأن النضج يتبعه اعتدال القوام.
فالغليظ نضجه أن ينهضم إلى الرقة والرقيق نضجه أن ينطبخ إلى السخونة والبول الغليظ كما قلنا فيما سلف قد يكون صافياً مشفا وقد يكون كدراً والفرق بين الغليظ المشف وبين الرقيق أن الغليظ المشفا إذا موَج يالتحريك لم تصغر أجزاؤه المتموجة بل حدثت فيه أمواج كبار وكانت حركتها بطيئة وإذا أزيد كان زبده كثير النفاخات بطيء الانفقاء وتولَد مثل هذا هو عن بلغم جيد الإنهضام أو صفراء محي إن كان له صبغ إلى الصفرة وإذا لم يكن صبغ دل على انحلال بلغم زجاجي وهذا كثيراً ما يكون في أبوال المصروعين.
والرقيق الذي يأكثر فيه الصبغ يعلم أن صبغه ليس عن نضج وإلا لفعل النضج فيه القوام أولاً لكنه من اختلاط المرة به فإن أول فعل الإفضاج التقويم ثم الصبغ- والنضج في القوام أصلح منه في اللون فلذلك البول الرقيق الأصفر إذا دام في مدة المرض الحادّ دل على شر وعلى فتور القوة الهاضمة وإذا رأيت بولاً رقيقاً وهناك اختلاف أجزاء من الحمرة والصفرة فاحدس تعباً ملهباً وإن كان رقيقاً قيه أشياء كالنخالة من غير علة في المثانة فذلك لاحتراق البلغم.
والبول الغليظ في الأمراض الحادة يدل بالجملة على كثرة الأخلاط وربما دل على الذوبان وهو الذي إذا بقي ساعة جمد فغلظ.
الجملة كدورة البول الأرضية مع ريح تخالطه المائية فإذا اختلطت هذه كانت كدورة وفي انفصال بعضها من بعض يتم الصفاء ثم يجب أن ينظر إلى أحوال ثلاث لأنه إما أن يبال رقيقاً ثم يغلظ فيدل على أن الطبيعة مجاهدة هو ذا ينضج لكن المادة بعد لم تطع من كل وجه وهي متأثرة وربما دل على ذوبان الأعضاء. وإما أن يبال غليظاً ثم يصفو ويتميز منه الغليظ راسباً فيدل على أن الطبيعة قد قهرت المادة وأنضجتها. وكلما كان الصفاء أكثر الرسوب أوفر وأسرع فهو على النضج أدلّ.
والحالة المتوسطة بين الأول والآخر إن دامت وكانت الطبيعة قوية والقوة ثابتة حدس أنه سيبلغ منه الإنضاج التام وإن لم تكن القوة ثابتة خيف أنا يسبق الهلاك النضج وإذا طال ولم تكن علامة مخيفة أنذر بصداع لأنه يدل على ثوران وعلى رياح بخارية والذي يأخذ من الرقة إلى الخثورة ويستمرّ خير من الواقف على الخثورة في كثير من الأوقات وكثيراً ما يغلظ البول ويكدر لسقوط القوّة لا لدفع الطبيعة.
وأما البول الذي يبال مائياً ويبقى مائياً فهو دليل عدم النضج البتة والبول الغليظ أحمده ما كان سهل الخروج كثير الانفصال معاً ومثل هذا يبري الفالج وما يجري مجراه وإذا كانت أبوال غليظة ثم أخذت ترق على التدريج مع غزارة فذلك محمود وربما كان يعقب الغليظ الكدر القليل الكثير فيكون دليل خير وذلك إذا انفجر الغليظ الكدر الذي كان ييال قليلاً قليلاً ودفعة واحدة بول بولاً كثيراً بسهولة فإن هذا كثيراً ما تنحل به العلة سواء كانت العلة شيئاً من الحميات الحادة أو غيرها من الأمراض الامتلائية وكان امتلاء لم يعرض بعد منه مرض ظاهر وهذا ضرب من البول نادر.
والبول الطبيعي اللون إذا أفرط في الغلظ دل أحياناً على جودة نقص المواد كثيراً ونضجه بسهولة الخروج وقد يدل أحياناً على التلف لدلالته على كثرة الأخلاط وضعف القوة ويدل عليه عسر الخروج وقلة ما يخرج. والبول الغليظ الجيد الذي هو بحران لأمراض الطحال والحميّات المختلطة لا يتوقّع فيه الاستواء فإن الطبيعة تعمل في الدفع.
والبول الميثور في الجملة يدلّ على كثرة الاخلاط مع اشتغال من الطبيعة بها وبإنضاجها.
والبول الغليظ الذي له ثقل زيتي يدل على حصاة.
والبول الغليظ الدال على انفجار الأورام يستدل عليه بما يخالطه وبما قد سبقه.
أما ما يخالطه فكالمدة ويدل عليها الرائحة المنتنة والجرادات المنفصلة معه كصفائح بيض أو حمر أو كنخالة أو غير ذلك مما يستدل عليه بعد وأما ما سبقه فإن يكون قد كان فيما سلف علامة لورم أو قرحة بالمثانة أو الكلية والكبد أو نواحي الصدر فيدل ذلك على الانفجار من الورم وإن كان قبله بول يشبه غسالة اللحم الطري فهو من حدبة الكبد أو براز كذلك فالورم في تقعيره وإن كان قد سبق ضيق نفس وسعال يابس ووجع في أعضاء الصدر ناخس فهو ذات الجنب انفجر واندفع من ناحية الشريان العظيم.
وإذا كان في ذلك الذي هو المدة نضج كان محموداً وإن كان ذلك البول مع الغلظ إلى السود وكان معه وجع في ناحية اليسار فهو من ناحية الطحال وعلى هذا القياس إن كان فوق السرة وأعلى البطن فهو من ناحية المعدة.
وأكثر ذلك يكون من الكبد ومجاري البول.
وربما بال الصحيح المتدع التارك الرياضة بولاً كالمدة والصديد فيتنقى بدنه ويزول ترهله الذي له بترك الرياضة وإن كان أيضاً في الكبد وما يليه سدد فربما كان غلظ البول تابعاً لانفتاحها واندفاع مادتها ولا يكون هذا الغلظ قيحياً والذي يكون عن الانفجار يكون قيحياً.
والبول الكدر كثيراً ما يدل على سقوط القوة وإذا سقطت القوة استولى البرد وكان كالبرد الخارج والبول الكدر الشبيه بلون الشراب الرديء أو ماء الحمص يكون للحبالى وأصحاب أورام حارة مزمنة في الأحشاء. والبول الذي يشبه بول الحمير وأبوال الدواب وكأنه ملخلخ لشقة بثوره يدل على فساد أخلاط البدن.
وأكثره على خام عملت فيه حرارة ما فيورث ريحاً غليظة وكذلك قد يدل على الصداع الكائن أو المطل وقد يدل إذا دام على الترعش.
والبول الذي يشبه لون عضو ما فإن دوامه يدل على علة بذلك العضو قال بعضهم: إنه إذا كان في أسفل البول شبيه بغيم أو دخان طال المرض وإن كان في جميع المرض أنذر بموت.
والخام يفارق المدة بالنتن.
والبول المختلف الأجزاء كلما كانت الأجزاء الكبار فيه أكثر دل على أن عمل الطبيعة فيه أنفذ والطبيعة أقدر والمسام أشد انفتاحاً.
والبول الذي يرى فيه كالخيوط مختلط بعضها ببعض يدل على أنه بيل أثر الجماع وأنت تعلم ذلك بالامتحان.

.الفصل الرابع: دلائل رائحة البول:

قالوا: لم ير بول مريض قط توافق رائحته رائحة بول الأصحاء.
ونقول: إن كان البول لا رائحة له البتة دل على برد مزاج وفجاجة مفرطة وربما دل على الأمراض الحادة على موت الغريزة فإن كانت له رائحة منتنة فإن كان هناك دلائل النضج كان سببه جرباً وقروحاً في آلات البول ويستدل عليه بعلامات ذلك وإن لم يكن نضج جاز أن يكون من ذلك وجاز أن يكون للعفونة وإذا كان ذلك في الحميات الحادة ولم يكن بسبب أعضاء البول فهو دليل رديء وإن كان إلى الحموضة دل على أن العفونة هي في أخلاط باردة الجوهر استولى عليها حرارة غريبة.
وأما إن كانت العلة حادة فهو دليل الموت لأنه يدل على موت الحرارة الغريزية واستيلاء برد في الطبع مع حر غريب والرائحة الضاربة إلى الحلاوة تدل على غلبة الدم والمنتنة شديداً صفراوية والمنتنة إلى الحموضة سوداوية والبول المنتن الرائحة إذا دام بالأصحاء دل على حميات تحدث من العفن أو على انتقاض عفونة محتبسة فيهم ويدل عليه وجود الخفة إثره وفي الأمراض الحادة إذا فارق البول من كان يلزمه فيها وزال عنه وكان ذلك الزوال دفعة ولم يعقب راحة فهو علامة سقوط القوى.

.الفصل الخامس: الدلائل المأخوذة من الزبد:

الزبد يحدث في الرطوبة من الريح المنزرقة في الماء ومع زرق البول والريح الخارجة مع البول في جوهر البول معونة لا محال وخصوصاً إذا كانت الريح غالبة في الماء كما يعرض في بول أصحاب التمدد من النفّاخات الكثيرة.
والزبد قد يدل بلونه كما يدل بسواده وشقرته على اليرقان وقد يدل بصغره وكبره فإن كبره يدل على اللزوجة وإما بقلته وكثرته فإن كثرته تدل على لزوجة وريح كثيرة وإما ببقائه طويلاً أو ببقائه سريعاً فإن بقاءه بطيئاً يدل على اللزوجة والعبب الباقية في علل الكلى ويدل على طول المرض لدلالته على الرياح واللزوجة.
وبالجملة فإن الخلط اللزج في علل الكلى رديء ويدل على أخلاط رديئة وبرد.

.الفصل السادس: دلائل أنواع الرسوب:

نقول: أولاً إن اصطلاح الأطباء في استعمال لفظة الرسوب والثفل قد زال عن المجرى المتعارف وذلك لأنهم يقولون رسوب وثفل لا لما يرسب ففط بل لكل جوهر أغلظ قواماً من المائية متميز عنها وإن تعلق وطفا فنقول: إن الرسوب قد يستدل منه من وجوه من جوهره ومن كميته ومن كيفيته ومن وضع أجزائه ومن مكانه ومن زمانه ومن كيفية مخالطته أما دلالته من جوهره فهو أنه إما أن يكون رسوباً طبيعياً محموداً دالاً على الهضم والنضج الطبيعيين وهر أبيض راسب متصل الأجزاء متشابهها مستويها ويجب أن يكون مستدير الشكل أملس مستوياَ لطيفاً شبيهاً برسوب ماء الورد.
ونسبة دلالته على نضج المادة في البدن كله كنسبة المدة للبيضاء الملساء المشابهة القوام على نضج الورم لكن المدة كثيفة وهذه لطيفة. والرسوب والثفل دليل جيد وإن فات الصبغ والاستواء أدل عند الأقدمين من النضج فإن المستوى الذي ليس بذلك الأبيض بل هو أحمر أصلح من الأبيض الخشن.
وأكثر الرسوب على لون البول وأجود ما خالف الأبيض فهو الأحمر ثم الأصفر ثم الزرنيخي ويبتدىء الشر من العدسي ولا يلتفت إلى ما يقوله الآخرون فإن البياض قد يكون لا للنضج والاستواء ليس إلا للنضج. ومن البياض ما يكون عن وأما الرسوب الرديء المذموم فتشتنه خير من استوائه والرسوب الرديء هو الذي تعرفه عن قريب وأما الرسوب الجيد الذي كلامنا فيه فقد يشبه المدة والخام الرقيقين ولكن المدة تخالفه بالنتن والخام يخالفه باندماج أجزائه وهو يخالف كليهما باللطافة والخفة وهذا الرسوب إنما يطلب في الأمراض ولا يطلب في حال الصحة وذلك لأن المريض لا يشك في احتباس مواد رديئة في بدنه في عروقه فإذا لم ينضج دل على الفساد.
وأما الصحيح فليس يجب دائماً أن يكون في عرقه خلط ينتقض بل الأولى أن يدل ذلك منهم على فضول تفضل فيهم عن الغذاء عديمة الهضم ثم يفضل فضل يرسب في البول نضيجاً أو غير نضيج.
والقضاف يقل فيهم الثفل الراسب في حال الصحة وخصوصاً المزاولين للرياضات وأصحاب الصنائع المتعبة وإنما يكثر هذا الرسوب في أبوال السمان المتدعين وكذلك أيضاً لا يجب أن يتوقع في أبوال المرضى القضاف من الرسوب ما يتوقع في أبدان المرضى السمان فإن أولئك كثيراً ما تقلع أمراضهم ولم يرسبوا شيئاً وكثيراً ما لا يبلغ الرسوب في أبوالهم إلى أن يتسفل بل ربما كان منه شيء يسير طاف أو يتعلق وليس كما يقال: كل بول فانه يرسب إلا البول النضيج جداً بل يجب أن يصبر عليه قليلاً هذا.
وأكثر ألوان الرسوب في أكثر الأمر يكون على لون البول وأجود ما خالف الأبيض هو الأحمر ثم الأصفر.
وأما الرسوب غير الطبيعي فمنه خراطي نخالي أو كرسني أو دشيشي شبيه بالزرنيخ الأحمر والمشبع صفرة ومنه لحمي ومنه دسمي ومنه مدي ومنه مخاطي ومنه شبيه بقطع الخمير المنقوع ومنه لحموي علقي ومنه شعري ومنه رملي حصوي ومنه رمادي.
والخراطي القشوري منه صفائحي كبار الأجزاء بيض وحمر يدل في أكثر الأمر على انفصالها من أعضاء قريبة من مفصل البول وهي أعضاء البول.
والأبيض يدل على أنه من المثانة لقروح فيها أو جرب أو تأكل.
والأحمر اللحمي على أنه من الكلية وقد يكون من الصفائحي ما هو كمد اللون أدكن أو شبيه بفلوس السمك وهذا أردأ جداً من جميع أصناف الرسوب الذي نذكره ويدل على انجراد صفائح الأعضاء الأصلية.
وأما الجنسان الأولان فكثيراً ما يضرّان البتة بل ربما نقيا المثانة.
وقد حكى بعضهم أن رجلاً سُقِي الذراريح فبال قشوراً بيضاً كالفرقىء وكانت إذا حلت في المائية انحلت وصبغت صبغاً أحمر فبرأ وعاش.
ومن الخراطي ما يكون أقل عرضاً من المذكورين وأثخن قواماً فإن كان أحمر سمي كرسنياً وإن لم يكن أحمر سمي نخالياً والكرسني إن كان أحمر فقد يكون أجزاءً من الكبد محترقة وقد يكون دماً محترقاً فيها وقد يكون من الكلية لكن الكائن من الكلية أشد اتصالاً لحمياً والآخر إن أشبه بما ليس بلحمي وأقبل للتفتيت وإن كان شديد الضرب إلى الصفرة فهو عن الكلية لا محالة فإن الذي عن الكبد يضرب إلى القتمة وقد يشاركه في هذا أحياناً الذي عن الكلية. وأما النخالي فقد يكون من جرب المثانة وقد يكون من ذوبان الأعضاء والفرق بينهما أنه إن كان هناك حكة في أصل القضيب ونتن فهو من المثانة وخصوصاً إذا سبقه بول مدة وخصوصاً إذا دل سائر الدلائل على نضج البول فتكون العروق العالية صحيحة المزاج لا علة بها بل بالمثانة وأما إن كان مع إلهاب وضعف قوة وسلامة أعضاء البول وكان اللون إلى الكمودة فهو من ذوبان خلط.
وأما السويقي والدشيشي فأكثره من احتراق الدم وهو إلى الحمرة وقد يكون كثيراً من ذوبان الأعضاء وانجرادها إن كان إلى البياض وقد يكون أيضاً من المثانة الجربة في الأقل وأنت يمكنك أن تتعرف وجه الفرق بينهما بما قد علمت.
وأما إن كان إلى السواد فهو من احتراق الدم وخصوصاً في الطحال وجميع الرسوب الصفائحي الذي لا يكون عن سبب في المثانة والكلية ومجاري البول فإنه في الأمراض الحادة رديء مهلك وقد عرفت من هذه الجملة حال اللحمي وأن أكثره يكون من الكلية وأنه متى لا يكون عن الكلية فإنما يكون إذا كان اللحمِ صحيح اللحمية ولا ذوبان في البدن.
والبول النضيج يدلّ على صحة الأوردة فإن علل الكِلية لا تمنع نضج البول لأن ذلك فوقها. وأما الرسوب الدسمي فيدل على ذوبان الشحم والسمن واللحم أيضاً.
وأبلغه الشبيه بماء الذهب ويستدل على مبدئه من القلة والكثرة ومن المخالطة والمفارقة فإنه إذا كان كثيراً متميزاً فاحدس أنه من ناحية الكلية لذوبان شحمها وإن كان أقل وشديد المخالطة فهو من مكان أبعد وإذا رأيت في البول قطعة بيضاء مثل حب الرمان فذلك من شحم الكلية.
وأما المري فيدل على قرحة منفجرة وخصوصاً في أعضاء البول ولا سيما إذا كان هناك ثفل محمود راسب.
والمخاطي يدل على غليظ خام إما كثير في البدن أو مدفوع عن الات البول وبحران عرق النسا ووجع المفاصل.
ويستدل عليه بالخفة عقبه وربما لطف ورقه فظن رسوباً محموداً فلذلك يجب أن لا يغتر في الأمراض بما يرى في هيئة الرسوب المحمود إذ لم يكن وقت النضج ولا دلائله حاضرة وقد يدل على شدة برد من مزاج الكِلْية والفرق بين المدّي والخام أن المدي يكون مع نتن وتقدم دليل ورم ويسهل اجتماع أجزائه وتفرقها ويكون منه ما يخالط المائية جداَ ومنه ما يتميز وأما الخام فإنه كدرغليظ لا يجتمع بسهولة ولا يتشتت بسهولة.
والبول الذي فيه رسوب مخاطي كثير إذا كان غزيراً وكان في آخر النقرس وأوجاع المفاصل دل على خير.
وأما الرسوب الشعري فهو لانعقاد رطوبة مستطيلة من حرارة فاعلة فيها وربما كان أبيض وأما الشبيه بقطع الخمير المنقوع فيدل على ضعف المعدة والأمعاء وسوء الهضم فيهما وربما كان سببه تناول اللبن والجبن. وأما الرملي فيدل دائماً على حصاة منعقدة أو في الانعقاد أو في الانحلال والأحمر منه من الكلية والذي ليس بأحمر هو من المثانة.
وأما الرمادي فأكثر دلالته على بلغم أو مدة عرض لها اللبث تغير لون وتقطع أجزاء وقد يكون لاحتراق عارض لها.
وأما الرسوب العلقي فإن كان شديد الممازجة دل على ضعف الكبد أو دون ذلك دل على جراحة في مجاري البول وتفرق اتصال فيها وإن كان متميزاً فأكثره دلالة من المثانة والقضيب وسنستقصي هذا في الأمراض الجزئية في باب بول الدم.
وإذا كان في البول مثل علق أحمر والمريض مطحول ذبل طحاله.
واعلم أنه لا يخرج في علل المثانة دم كثير لأن عروقها مخالطة مندسة في جرمها ضيقة قليلة.
وأما دلالة الرسوب من كميته فإما من كثرته وقلّته ويدل على كثرة السبب الفاعل له وقلته وإما من مقداره في صغره وكبره كما ذكرناه في الرسوب الخراطي.
وأما دلالته من كيفيته فإما من لونه فإن الأسود منه دليل رديء على الأقسام التي ذكرناها وأسلمه ما كان الرسوب أسود والمائية ليست بسوداء والأحمر يدل على الدموية وعلى التخم والأصفر على شدة الحرارة وخبث العلة والأبيض منه محمود على ما قلنا ومنه مذموم مخاطي ومدي أو رغوي مضاد للنضج والأخضر أيضاً طريق إلى الأسود.
وأما من رائحته فعلى ما سلف وأما من وضعه فمن ملاسته وتشتته فإن الملاسة والاستواء في الرسوب المحمود أحمد وفي المذموم أردأ.
والتشتّت يدل على رياح وضعف هضم.
وأما دلالته من مكانه فهو إما أن يكون عافياً ويسمى غماماً وإما متعلقاً وهو الواقف في الوسط وهو أكثر نضجاً من الأول وخير المتعلق ما مال خمله وهدبه إلى أسفل وإما راسباً في الأسفل وهو أحس نضجاً هذا في الرسوب المحمود.
وأما المذموم فأخفه أصلحه مثل الأسود وذلك في الحميات الحادة وكذلك إذا كان الخلط بلغمياً أو سوداوياً فالسحابي خير من الراسب فإنه يدل على تلطيفه إلا أن يكون سبب الطفو الريح الكثيرة جداً وإذا لم يكن ذلك فإن الطافي منه أسلم ثم المتعلق وشره الراسب وسبب الطفو حرارة مصعدة أو ريح.
والرسوب المتميز يطفو في الغليظ وخصوصاً إذا خص ويرسب في الرقيق خصوصاً إذا ثقل وإذا ظهر المتعلق والطافي في أول المرض ثم دام دل على أن البحران يكون بالخراج لكن النحفاء قد ينقضي مرضهم برسوب محمود طاف أو متعلّق كما ذكرنا فيما سلف.
والطافي والمتعلق الدسومي إذا كان شبيهاً بنسج العنكبوت أو تراكم الزلال فهو علامة رديئة.
وكثيراَ ما يظهر ثفل طاف غير جيد فيخاف منه لكنه يكون ذلك ابتداء النضج ويحول إلى الجودة ثم يتعلق ثم يرسب فيكون دليلاً غير رديء. وأما إذا تعقبته رسوبات رديئة فالخوف الذي وقع منه في أول الأمر واجب وأما دلالة الرسوب من زمانه فإنه إذا بيل فأسرع الرسوب فهو علامة جيدة في النضج فإذا أبطأ أو لم يرسب فهو دليل عدم النضج بقدر حاله وأما الدلالة من هيئة مخالطته فكما قلنا في ذكر بول الدم والدسم وأنت تعلم جميع ذلك.